زراعة العدسات داخل العين

العدسات داخل العين (IOLs) هي عدسات اصطناعية تُزرع داخل العين لتحل محل العدسة الطبيعية التي تمت إزالتها أثناء جراحة إعتام عدسة العين (المياه البيضاء) أو لتصحيح أخطاء الانكسار. منذ تطويرها، أحدثت العدسات داخل العين ثورة في علاج إعتام عدسة العين وجراحات تصحيح النظر، مما أدى إلى تحسين النتائج البصرية وجودة حياة المرضى بشكل كبير. تقدم هذه الورقة نظرة معمقة على أنواع العدسات داخل العين، ودواعي استخدامها، والتقنيات الجراحية، والمضاعفات المحتملة.
أنواع العدسات داخل العين
شهدت العدسات داخل العين تطورًا كبيرًا على مر السنين، حيث أصبحت توفر مجموعة واسعة من الخيارات التي تناسب احتياجات المرضى المختلفة. تشمل الأنواع الرئيسية للعدسات داخل العين ما يلي:
شهدت العدسات داخل العين تطورًا كبيرًا على مر السنين، حيث أصبحت توفر مجموعة واسعة من الخيارات التي تناسب احتياجات المرضى المختلفة. تشمل الأنواع الرئيسية للعدسات داخل العين ما يلي:
1. العدسات أحادية البؤرة (Monofocal IOLs)
تُعد العدسات أحادية البؤرة الأكثر شيوعًا في عمليات الزرع، حيث توفر رؤية واضحة عند مسافة بؤرية واحدة، والتي يتم ضبطها عادةً إما للرؤية القريبة أو البعيدة. غالبًا ما يحتاج المرضى الذين يزرعون هذه العدسات إلى نظارات للرؤية القريبة إذا تم ضبط العدسة للرؤية البعيدة، والعكس صحيح. هذه العدسات مثالية للمرضى الذين يبحثون عن تصحيح بسيط وموثوق لنطاق رؤية واحد.
2. العدسات متعددة البؤر (Multifocal IOLs)
تم تصميم العدسات متعددة البؤر لتوفير رؤية واضحة على مسافات متعددة، مما يقلل أو يلغي الحاجة إلى النظارات بعد الجراحة. تحتوي هذه العدسات على مناطق مختلفة ذات قوى بصرية متنوعة، مما يسمح للعين بالتركيز على الأشياء القريبة والمتوسطة والبعيدة. ومع ذلك، قد يعاني بعض المرضى من اضطرابات بصرية مثل الهالات أو الوهج، خاصةً في ظروف الإضاءة المنخفضة.
3. العدسات التكيفية (Accommodating IOLs)
تهدف العدسات التكيفية إلى محاكاة القدرة الطبيعية للعدسة البشرية على التركيز. فهي تتحرك أو تغير شكلها داخل العين لتوفير رؤية واضحة على مسافات مختلفة. على الرغم من أنها توفر نطاق رؤية أكثر طبيعية مقارنةً بالعدسات أحادية البؤرة، إلا أن نطاقها قد لا يكون واسعًا بقدر ما توفره العدسات متعددة البؤر.
4. العدسات التوريك (Toric IOLs)
صُممت العدسات التوريك خصيصًا لتصحيح الاستجماتيزم (اللابؤرية) بالإضافة إلى توفير رؤية واضحة عند مسافة معينة. تتميز هذه العدسات بقوى انكسارية مختلفة في محاور العدسة المختلفة، مما يسمح بتصحيح الاستجماتيزم وتحسين جودة الرؤية بشكل كبير.
5. العدسات ذات العمق البؤري الممتد (EDOF IOLs)
توفّر العدسات ذات العمق البؤري الممتد نطاق رؤية ممتدًا، مما يتيح رؤية مستمرة من المسافات المتوسطة إلى البعيدة مع تقليل تأثيرات الهالات والوهج مقارنةً بالعدسات متعددة البؤر. تعد هذه العدسات مثالية للمرضى الذين يسعون إلى رؤية أوسع دون التعرض للآثار الجانبية المحتملة للعدسات متعددة البؤر، على الرغم من أن بعض المرضى قد لا يزالون بحاجة إلى نظارات للقراءة عن قرب جدًا.
6. العدسات القابلة للزرع من مادة الكولامر (Implantable Collamer Lenses – ICL)
العدسات القابلة للزرع من مادة الكولامر (ICL) هي تقنية متقدمة في تصحيح الأخطاء الانكسارية مثل قصر النظر، طول النظر، والاستجماتيزم. تُعد هذه العدسات خيارًا مثاليًا للأشخاص الذين لا يمكنهم إجراء جراحة الليزك أو لديهم قرنيات رقيقة. تتم زراعة هذه العدسات داخل العين خلف القزحية وأمام العدسة الطبيعية دون الحاجة إلى إزالة العدسة الأصلية، مما يتيح تصحيحًا بصريًا دائمًا وقابلاً للإزالة عند الضرورة.
آلية عمل العدسات القابلة للزرع تعمل عدسات ICL على تصحيح الرؤية من خلال إعادة توجيه مسار الضوء ليسقط بشكل صحيح على شبكية العين، تمامًا كما تفعل النظارات أو العدسات اللاصقة. الفرق الأساسي هو أن هذه العدسات مزروعة داخل العين، مما يلغي الحاجة لاستخدام النظارات أو العدسات اللاصقة التقليدية يوميًا.
تحسين جودة الرؤية:
توفر وضوحًا عاليًا وصورًا أكثر دقة مقارنة ببعض الخيارات الأخرى لتصحيح النظر.
إجراء جراحي قابل للعكس: يمكن إزالة العدسات أو استبدالها إذا لزم الأمر.
محافظة على القرنية:
لا تتطلب إزالة أي جزء من نسيج القرنية، مما يجعلها خيارًا مثاليًا للأشخاص الذين لديهم قرنيات رقيقة.
حماية من الأشعة فوق البنفسجية: تحتوي العدسات على طبقة تحمي العين من الأشعة الضارة.
عدم جفاف العين: لا تسبب جفافًا كما هو الحال مع بعض تقنيات تصحيح النظر الأخرى مثل الليزك.
المرشحون المثاليون لعدسات ICL
الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و45 عامًا.
الذين يعانون من قصر النظر الحاد (حتى -20 ديوبتر) أو طول النظر (حتى +10 ديوبتر) أو الاستجماتيزم.
غير المؤهلين لجراحات الليزك بسبب القرنيات الرقيقة أو حالات جفاف العين الشديدة.
الذين يرغبون في حل دائم بدون الحاجة إلى ارتداء النظارات أو العدسات اللاصقة.
إجراء زراعة عدسة ICL
التقييم والفحوصات: يتم إجراء فحوصات دقيقة للعين لقياس الانكسار، سمك القرنية، وضغط العين.
التحضير للعملية: يتم توسيع حدقة العين باستخدام قطرات خاصة، وتُجرى العملية تحت تأثير التخدير الموضعي.
إدخال العدسة: يتم إدخال العدسة من خلال شق صغير في القرنية وتوضع بدقة خلف القزحية.
التعافي: يكون التعافي سريعًا، ويلاحظ المرضى تحسنًا فوريًا في الرؤية بعد الجراحة.
المضاعفات والمخاطر المحتملة على الرغم من أن ICL آمنة، فقد تحدث بعض المضاعفات، مثل:
ارتفاع ضغط العين (الزرق) بسبب تراكم السوائل.
تشكل الساد (إعتام عدسة العين) في حالات نادرة.
عدوى أو التهاب بعد العملية.
الحاجة إلى تعديلات لاحقة للعدسة.
الخاتمة تُعد العدسات القابلة للزرع من مادة الكولامر (ICL) خيارًا ممتازًا لمن يبحثون عن حل دائم لتصحيح النظر دون المساس بسلامة القرنية. بفضل تقنيتها المتقدمة، توفر رؤية واضحة ومريحة مع تقليل المخاطر المرتبطة بالجراحات الانكسارية الأخرى. إذا كنت تفكر في إجراء تصحيح النظر، فقد تكون عدسات ICL الخيار الأمثل لك بعد استشارة طبيب العيون المختص.
جراحة إعتام عدسة العين (المياه البيضاء)
يُعد السبب الأكثر شيوعًا لزرع العدسات داخل العين هو جراحة إعتام عدسة العين، حيث تتم إزالة العدسة الطبيعية المعتمة وزرع عدسة اصطناعية لاستعادة الرؤية الواضحة. يعتمد اختيار نوع العدسة على احتياجات المريض البصرية ونمط حياته وأي حالات عينية موجودة مسبقًا.
استبدال العدسة الانكساري (RLE)
يُعد استبدال العدسة الانكساري خيارًا جراحيًا للمرضى الذين يسعون إلى تصحيح الأخطاء الانكسارية، خاصةً المصابين بطول النظر الشيخوخي، طول النظر، أو قصر النظر، والذين لا يُعدون مرشحين مناسبين لجراحة تصحيح النظر بالليزر. تتشابه هذه العملية مع جراحة المياه البيضاء، حيث يتم استبدال العدسة الطبيعية بعدسة داخل العين لتحسين الرؤية.
زرع العدسات داخل العين مع الحفاظ على العدسة الطبيعية (Phakic IOL Implantation)
تُستخدم هذه العدسات للمرضى الذين يعانون من قصر النظر أو طول النظر الشديد والذين لا يُعتبرون مرشحين مثاليين لإجراءات تصحيح النظر الأخرى مثل الليزك (LASIK) أو الليزر السطحي (PRK). يتم زرع هذه العدسات دون إزالة العدسة الطبيعية، مما يوفر حلاً فعالًا للأخطاء الانكسارية الشديدة.
تصحيح فقدان العدسة الطبيعية (Aphakia Correction)
في حالات فقدان العدسة الطبيعية، حيث يتم إزالة العدسة دون استبدالها بعدسة داخل العين (كما في بعض حالات الصدمات أو المياه البيضاء الخلقية)، يمكن زرع العدسات داخل العين لاستعادة الرؤية. يمكن وضع هذه العدسات في الكبسولة الخلفية، أو في الثلم الهدبي، أو في الغرفة الأمامية للعين حسب الحالة السريرية للمريض.
استخراج المياه البيضاء وزرع العدسة داخل العين
الإجراء الجراحي الأكثر شيوعًا لزرع العدسات داخل العين هو استحلاب العدسة (Phacoemulsification)، حيث يتم استحلاب العدسة المعتمة باستخدام طاقة الموجات فوق الصوتية ثم شفطها من العين. بعد إزالة العدسة، يتم إدخال العدسة الصناعية داخل الكبسولة الخلفية. عادةً ما يكون الشق الجراحي صغيرًا (2-3 ملم) وقابلًا للالتئام الذاتي، مما يقلل الحاجة إلى الغرز.
• التخطيط قبل الجراحة: تشمل القياسات قبل الجراحة قياس انحناء القرنية (Keratometry)، الطول المحوري للعين، وعمق الغرفة الأمامية، وهي عوامل أساسية لاختيار قوة ونوع العدسة المناسبة.
• استحلاب العدسة (Phacoemulsification): يتم استحلاب العدسة وإزالتها من خلال شق صغير، ثم يتم إدخال العدسة داخل العين. تُطوى العدسة أو تُلفّ ثم تُدخَل عبر نفس الشق، حيث تتفتح تلقائيًا داخل الكبسولة الخلفية.
محاذاة العدسات التوريكية (Toric IOLs)
بالنسبة للعدسات التوريكية، تعدّ المحاذاة الدقيقة أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق التصحيح الأمثل للانحراف (اللابؤرية). يتم تحديد المحور القرني قبل الجراحة، كما تُستخدم أنظمة التوجيه الرقمي أثناء الجراحة لضمان التثبيت الصحيح للعدسة.
زرع العدسات دون الحاجة إلى الغرز تعتمد تقنيات زرع العدسات الحديثة بشكل أساسي على شقوق جراحية ذاتية الالتئام، مما يلغي الحاجة إلى الغرز. ومع ذلك، في بعض الحالات التي تتطلب شقوقًا أكبر، أو عند زرع عدسات الغرفة الأمامية، قد يكون من الضروري استخدام الغرز لتثبيت العدسة.
زرع العدسات الثانوية قد يكون من الضروري زرع العدسات الثانوية في حالات فقدان العدسة الطبيعية (Aphakia) عندما لا يتم زرع عدسة داخل العين في الجراحة الأولية. تشمل التقنيات المستخدمة تثبيت العدسة في الثلم الهدبي، أو التثبيت الصلبي، أو زرع عدسة في الغرفة الأمامية، وذلك بناءً على سلامة الكبسولة الخلفية وغيرها من الهياكل العينية.
• تمزق الكبسولة الخلفية: قد يؤدي تمزق الكبسولة الخلفية إلى فقدان الجسم الزجاجي، مما يعقّد عملية زرع العدسة. تتطلب هذه الحالة إجراء استئصال الجسم الزجاجي الجزئي واستخدام تقنيات بديلة لزرع العدسة، مثل تثبيت العدسة في الثلم الهدبي.
• تمزق ألياف المنطقة (Zonular Dehiscence): قد تؤدي الألياف الضعيفة أو التالفة إلى انحراف أو خلع العدسة، مما يستلزم استخدام طرق تثبيت بديلة مثل الحلقات المشدودة للكبسولة (Capsular Tension Rings) أو العدسات المثبتة في الصُلبة (Scleral-fixated IOLs).
المضاعفات المبكرة بعد الجراحة
• الوذمة البقعية الكيسية (CME): قد تؤدي الالتهابات بعد زرع العدسة إلى حدوث CME، والتي يتم علاجها باستخدام الأدوية المضادة للالتهابات مثل الستيرويدات الموضعية ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs).
• تعتم الكبسولة الخلفية (PCO): يعدّ PCO أكثر المضاعفات المتأخرة شيوعًا لجراحة المياه البيضاء، حيث تتكاثر الخلايا الظهارية على الكبسولة الخلفية، مما يؤدي إلى ضبابية الرؤية. يتم علاجها باستخدام تقنية ليزر Nd:YAG لإنشاء مسار بصري واضح.
• سوء تموضع العدسة أو انزياحها: قد تتحرك العدسة المزروعة أو تنزاح بعد الجراحة، خاصةً في الحالات التي يكون فيها استقرار الكبسولة ضعيفًا. في هذه الحالات، قد تكون هناك حاجة إلى إعادة ضبط العدسة جراحيًا أو استبدالها.
المضاعفات طويلة الأمد
• الوهج والهالات: تعدّ هذه الاضطرابات البصرية أكثر شيوعًا مع العدسات متعددة البؤر، وقد تستمر لفترة رغم تكيف المريض معها. يمكن إدارتها من خلال الاستشارة الطبية، استخدام نظارات بطلاء مضاد للانعكاس، أو في بعض الحالات النادرة استبدال العدسة.
• التهاب باطن المقلة (Endophthalmitis): عدوى نادرة لكنها خطيرة قد تحدث بعد زرع العدسة. يتطلب العلاج الفوري بالمضادات الحيوية داخل الجسم الزجاجي للحفاظ على الرؤية.
• الاضطرابات البصرية (Dysphotopsia): قد يعاني بعض المرضى من اضطرابات بصرية مثل الظلال الداكنة (Negative Dysphotopsia) أو الهالات الساطعة (Positive Dysphotopsia)، والتي قد تنتج عن تصميم حافة العدسة. في الحالات الشديدة، قد يكون من الضروري استبدال العدسة أو استخدام أجهزة بصرية إضافية للتحكم في الأعراض.
العدسات القابلة للتخصيص
أدت التطورات الحديثة إلى ظهور العدسات القابلة للتعديل بعد الجراحة باستخدام الضوء لضبط نتائج الانكسار بدقة. توفر هذه التقنية دقة أكبر في تحقيق النتائج البصرية المرغوبة بعد جراحة المياه البيضاء.
العدسات اللاكروية (Aspheric IOLs)
تم تصميم العدسات اللاكروية للحد من الانحرافات الكروية، مما يوفر حساسية تباين أفضل ورؤية ليلية محسنة، وهي مفيدة بشكل خاص للمرضى ذوي الحدقات الكبيرة أو الذين يحتاجون إلى أداء بصري عالي الجودة.
العدسات القابلة للتعديل بالضوء (LALs)
تمثل LALs جيلًا جديدًا من العدسات التي يمكن تعديلها بعد الزرع باستخدام الأشعة فوق البنفسجية، مما يسمح بتعديلات دقيقة في قوة العدسة لتحقيق نتائج بصرية مثالية تتناسب مع احتياجات المريض الفردية.
تحسين تصميم العدسات متعددة البؤر وعدسات EDOF
شهدت تصميمات العدسات متعددة البؤر وعدسات المدى البؤري الممتد (EDOF) تحسينات كبيرة تقلل من حدوث الوهج والهالات والاضطرابات البصرية الأخرى، مما يجعل هذه العدسات خيارًا أكثر جاذبية لعدد أكبر من المرضى.
الخاتمة
أحدثت العدسات داخل العين ثورة في مجال جراحة المياه البيضاء وتصحيح الإبصار، حيث توفر مجموعة واسعة من الخيارات لتلبية الاحتياجات المختلفة للمرضى. إن فهم أنواع العدسات المختلفة، دواعي استخدامها، تقنيات الجراحة، والمضاعفات المحتملة يعدّ أمرًا ضروريًا لممارسي طب العيون وطلاب هذا المجال. ومع استمرار التطورات في تكنولوجيا العدسات، يحمل المستقبل وعودًا أكبر في تحسين النتائج البصرية وزيادة رضا المرضى

الدوار الثامن – شارع البيادر الرئيسي
المبنى16
عمان، الأردن
Tel. 00962798507199
info@eiadeyeclinic.com
Copyright © 2025[IEC]. Powered by [viadm.net]