علاج الساد (الماء الأبيض)

الساد هو تغيم عدسة العين الطبيعية، التي تقع خلف القزحية والبؤبؤ. يُعدّ الساد السبب الرئيسي للعمى على مستوى العالم، حيث يمثل حوالي 51% من حالات العمى عالميًا وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. ومع تزايد أعمار السكان، من المتوقع أن يزداد انتشار الساد، مما يجعله مشكلة صحية عامة مهمة.
يمكن أن يؤثر الساد بشكل خطير على جودة الحياة، حيث يؤدي إلى ضعف الرؤية، وفقدان الاستقلالية، وزيادة خطر السقوط والإصابات. ومع ذلك، فإن جراحة الساد تُعدّ من أكثر العمليات شيوعًا ونجاحًا على مستوى العالم، حيث تحقق معدلات عالية من تحسين الرؤية.
يمكن تصنيف الساد وفقًا لموقعه في العدسة، أو أسبابه، أو العمر الذي يتطور فيه. فيما يلي الأنواع الرئيسية للساد:
1. الساد النووي التصلبي (Nuclear Sclerotic Cataract):
• يتكون في النواة (الجزء المركزي) من العدسة.
• يُعد النوع الأكثر شيوعًا من الساد المرتبط بالعمر.
• يتميز بتصلب وعدسة صفراء تدريجية مع مرور الوقت.
• المرضى غالبًا ما يلاحظون انخفاضًا في الرؤية البعيدة وتحسنًا مؤقتًا في الرؤية القريبة، وهو ما يُعرف بظاهرة “البصر الثاني” (Second Sight).
• مع تقدم المرض، يمكن أن يسبب ضعفًا بصريًا شديدًا.
2. الساد القشري (Cortical Cataract):
• يتطور في قشرة العدسة (الجزء المحيطي من العدسة).
• يتميز بظهور عتامات بيضاء على شكل أسافين أو “أشعة” تمتد من المحيط نحو المركز.
• يؤدي إلى تشتت الضوء، مما يسبب وهجًا وصعوبة في الرؤية الليلية.
• يمكن أن يتسبب في تغيرات بصرية متذبذبة مع تقدم المرض.
3. الساد تحت المحفظة الخلفي (Posterior Subcapsular Cataract):
• يتكون أمام المحفظة الخلفية للعدسة (السطح الخلفي للعدسة).
• يرتبط غالبًا بـ استخدام الكورتيكوستيرويدات، ومرض السكري، والتعرض للإشعاع.
• يسبب ضعفًا بصريًا ملحوظًا، خاصة في الضوء الساطع.
• غالبًا ما يسبب وهجًا وصعوبة في القراءة.
4. الساد الخلقي (Congenital Cataract):
• يظهر عند الولادة أو خلال الطفولة المبكرة.
• قد يكون ناتجًا عن عوامل وراثية، أو التهابات داخل الرحم (مثل الحصبة الألمانية)، أو اضطرابات أيضية.
• يمكن أن يؤثر على عين واحدة أو كلتا العينين.
• إذا لم يُعالج مبكرًا، فقد يؤدي إلى الغمش (كسل العين) وفقدان دائم للرؤية.
5. الساد الرضي والثانوي (Traumatic and Secondary Cataracts):
• الساد الرضي: يحدث بسبب إصابة مباشرة للعين، مثل الصدمات الحادة أو الاختراقية، أو الإصابات الكهربائية، أو التعرض للإشعاع.
• الساد الثانوي (After-Cataract):
o يحدث بعد جراحة الساد، خاصة في المرضى الأصغر سنًا، بسبب تكاثر الخلايا الطلائية للعدسة على المحفظة الخلفية.
o يمكن أن ينجم أيضًا عن أمراض جهازية مثل السكري أو الاستخدام المطول للأدوية مثل الكورتيكوستيرويدات.
يتطور مرض الساد نتيجة عملية متعددة العوامل تنطوي على تغيرات بيوكيميائية وبنيوية معقدة داخل العدسة. هناك عدة عوامل رئيسية تساهم في تطور المرض:
• العمر هو العامل الأكثر تأثيرًا، حيث يحدث إعتام عدسة العين غالبًا لدى الأشخاص فوق سن 60 عامًا.
• تشمل العوامل الأخرى:
o التعرض للأشعة فوق البنفسجية (UV)
o التدخين
o مرض السكري وارتفاع ضغط الدم
o الاستخدام المطوّل للكورتيكوستيرويدات (الستيرويدات القشرية)
o عوامل نمط الحياة، مثل سوء التغذية والاستهلاك المفرط للكحول.
1. الأعراض:
• غالبًا ما تتطور الساد (إعتام عدسة العين) بشكل بطيء وقد يكون بلا أعراض في البداية ، مع تقدّمه يمكن أن يؤدي إلى مجموعة من الأعراض التي تؤثر على جودة حياة المريض،
ومنها:
o تشوش أو ضبابية الرؤية، والتي لا تتحسن باستخدام النظارات أو العدسات اللاصقة.
o زيادة الحساسية للضوء والوهج، خاصة أثناء القيادة الليلية.
o رؤية هالات حول الأضواء.
o تغير متكرر في وصفة النظارات الطبية.
o ازدواج الرؤية في عين واحدة.
o تلاشي أو اصفرار الألوان.
مع تقدم الساد تستمر حدة البصر في التدهور، مما يجعل أداء الأنشطة اليومية أكثر صعوبة.
2. العلامات السريرية:
• عند الفحص باستخدام المصباح الشقي (Slit-Lamp Examination)، يظهر الساد كـعتامة داخل العدسة ، في الحالات المتقدمة قد تصبح العدسة معتمة بالكامل.
3. طرق التشخيص:
1. اختبار حدة البصر (Visual Acuity Testing):
o يعتبر الفحص الأولي الأساسي لتقييم تأثير الساد على الرؤية.
o يتضمن قراءة مخطط فحص النظر لتحديد وضوح الرؤية على مسافات مختلفة.
2. فحص المصباح الشقي (Slit-Lamp Examination):
o يوفر المجهر البيوميكروسكوبي (Slit-lamp) رؤية مكبرة لهياكل العين.
o يسمح بتقييم نوع وحجم وموقع الساد بدقة.
3. فحص العين المتوسع (Dilated Eye Exam):
o يتم توسيع الحدقة باستخدام قطرات خاصة لتوفير رؤية أوضح للعدسة وقاع العين.
o يساعد في تحديد أي أمراض أخرى في الشبكية أو العصب البصري قد تؤثر على العلاج.
4. التصوير التشخيصي (Diagnostic Imaging):
o التصوير المقطعي البصري (Optical Coherence Tomography – OCT): يستخدم لتقييم حالة الشبكية والبقعة الصفراء، خاصة إذا كان الساد شديدًا.
o التصوير بالموجات فوق الصوتية (B-Scan Ultrasonography): مفيد في الحالات المتقدمة حيث تكون العدسة معتمة تمامًا، مما يمنع فحص قاع العين.
يساعد الجمع بين هذه الفحوصات في تأكيد التشخيص، تحديد مرحلة الساد، واختيار العلاج المناسب لكل مريض.
إدارة وعلاج الساد (إعتام عدسة العين)
تعتمد إدارة وعلاج الساد على شدة الأعراض وتأثيرها على جودة حياة المريض. تتراوح الخيارات العلاجية بين الإدارة غير الجراحية والتدخل الجراحي.
1. الإدارة غير الجراحية (Non-Surgical Management)
في المراحل المبكرة من الساد، يمكن اللجوء إلى بعض التدابير لتخفيف الأعراض وتحسين الرؤية:
أ. استخدام النظارات والوسائل المساعدة البصرية
• يمكن تحسين الرؤية من خلال تعديل وصفة النظارات الطبية.
• استخدام العدسات المكبرة، الإضاءة القوية، والنظارات الشمسية المضادة للوهج يمكن أن يقلل من الانزعاج البصري.
ب. تعديلات نمط الحياة وتثقيف المريض
• الإقلاع عن التدخين وتقليل استهلاك الكحول، حيث تساهم هذه العوامل في تسريع تطور الساد.
• حماية العين من الأشعة فوق البنفسجية عن طريق ارتداء النظارات الشمسية.
• اتباع نظام غذائي صحي غني بمضادات الأكسدة، مثل فيتامين C وفيتامين E، قد يساعد في إبطاء تطور الساد.
2. العلاج الجراحي (Surgical Management)
عندما يؤثر الساد بشكل كبير على الرؤية ولا تتحسن الأعراض باستخدام الوسائل غير الجراحية، يكون التدخل الجراحي هو الحل الأمثل.
أ. استحلاب العدسة وزرع العدسة داخل العين (Phacoemulsification and Intraocular Lens Implantation)
• جراحة الساد هي العلاج الأكثر فعالية وتشمل إزالة العدسة المعتمة واستبدالها بعدسة صناعية.
• تقنية استحلاب العدسة (Phacoemulsification) هي الأكثر شيوعًا، حيث يتم:
1. استخدام جهاز الموجات فوق الصوتية لتفتيت العدسة إلى أجزاء صغيرة.
2. إزالة الأجزاء من خلال شق صغير في القرنية.
3. زرع عدسة صناعية (IOL) داخل العين لاستعادة الرؤية.
ب. أنواع العدسات داخل العين (Types of Intraocular Lenses – IOLs)
هناك عدة أنواع من العدسات الصناعية، والتي يتم اختيارها بناءً على احتياجات المريض البصرية:
• العدسات أحادية البؤرة (Monofocal IOLs): توفر رؤية واضحة لمسافة واحدة (عادةً البعد).
• العدسات داخل العين ذات العمق البؤري الممتد (Extended Depth of Focus – EDOF IOL) هي نوع متقدم من العدسات الاصطناعية المستخدمة ، تم تصميم هذه العدسات لتوفير رؤية واضحة عبرالمسافات البعيدة والمتوسطة.
• العدسات متعددة البؤر (Multifocal IOLs): تسمح برؤية واضحة لمسافات متعددة (قريبة، متوسطة، وبعيدة).
• العدسات التوريك (Toric IOLs):
مصممة لتصحيح اللابؤرية (الاستجماتيزم).
ج. التقنيات الجراحية المتقدمة (Advanced Surgical Techniques)
• جراحة الساد بمساعدة الليزر الفيمتوثانية (Femtosecond Laser-Assisted Cataract Surgery – FLACS):
o تقنية متطورة تستخدم الليزر لإجراء الخطوات الرئيسية في الجراحة، مثل:
إجراء الشقوق الجراحية بدقة.
فتح الكبسولة الأمامية للعدسة.
تفتيت العدسة المعتمة لتسهيل إزالتها.
o تساعد هذه الطريقة في تحسين دقة العملية وتقليل فترة التعافي.
• بعد جراحة الساد (إزالة المياه البيضاء)، يتم وصف قطرات العين المضادة الحيوية والمضادة للالتهابات للمرضى لمنع العدوى وتقليل الالتهاب. تعد الزيارات الدورية للمتابعة ضرورية لمراقبة عملية الشفاء وتقييم حدة البصر.
• رغم أن جراحة الساد ناجحة للغاية، قد تحدث بعض المضاعفات، مثل إعتام المحفظة الخلفية (PCO)، وذمة البقعة الصفراء الكيسية، وفي حالات نادرة، التهاب باطن المقلة (التهاب داخلي حاد للعين – Endophthalmitis).
• يُعد الاكتشاف المبكر وإدارة هذه المضاعفات أمرًا ضروريًا لتحقيق أفضل النتائج البصرية الممكنة.

الدوار الثامن – شارع البيادر الرئيسي
المبنى16
عمان، الأردن
Tel. 00962798507199
info@eiadeyeclinic.com
Copyright © 2025[IEC]. Powered by [viadm.net]